يتميز المجتمع الفلسطيني بخصوصية بين باقي مجتمعات العالم لكونه ما زال يرزح تحت نير
الاحتلال، مما يلقي بظلاله على بنية المجتمع ويفرض عليه إعادة أولوياته واهتماماته وتتصدر قضية
التحرر من هذا الاحتلال أعلى القائمة، إلا أن ذلك لا يمنع من أن لديه قضايا مركزية يساعده الاهتمام
بها على تحقيق التوازن والاستقرار المجتمعي، ومن أبرز هذه القضايا وأكثرها تناولاً وتداولاً قضية المرأة
حقوقا وواجبات، أمنا وخوفا، قانونا وعرفا، إنصافا وظلما، تهديدا وحماية، ما يجعلها دائما محل الاهتمام،
يبحث فيها المهتمون من زوايا مختلفة ووفقا لمشارب وثقافات وغايات مختلفة ومن منطلقات فكرية
متنوعة وبذرائع تتوسط حينا وتتطرف أحيانا تحت لواء واحد وهو ضرورة إنصافها في المجتمع وتوفير
الحماية التي تكفل انخراطها الأمن والمنتج في المجتمع.

في إطار هذه الجهود تأتي هذه الدراسة "المرأة الفلسطينية بين الحماية القانونية والحماية الشعبية _
في إطار الأسرة" عطفا على بعض الجهود السابقة وتفنيذا لبعضها الآخر للوقوف على الأطر المختلفة
المناط بها توفير البيئة الآمنة للنساء الفلسطينيات في ظل ما يتعرضن له استثناء من ظرف الاحتلال من
جهة وتجاذبات التيارات التي تتناول قضاياهن من جهة أخرى، وسعيا لتبيان واقع المرأة الفلسطينية
والإجابة عن التساؤل الأهم: كيف يمكن للمجتمع بكل فعالياته ومؤسساته وشخوصه أن يتكاتف في سبيل
توفير البيئة الآمنة للنساء التي تحقق لهن العدالة من جهة وتكفل لهن حقوقهن من جهة أخرى سواء
بالنظر في القانون الفلسطيني ومعالجاته، على مستوى الدور المجتمعي المستند على العرف العشائري
وكيف ينظر للمرأة ويعالج قضاياها في محاولة لمناقشة الثغرات وتقديم مقترح تكاملي يساعد في معالجتها
استنادا إلى منهجية بحثية تعددت أدواتها بما يحقق أهداف الدراسة التي خلصت إلى أنه لا يمكن فصل
قضايا المرأة عن سياقها المجتمعي كما لا يمكن معالجتها أو نقاشها بمعزل عن العوامل المختلفة التي
تتداخل لتشكل المنظومة المجتمعية وأن النساء هن جزء من النسيج المجتمعي الذي يحتاج للنهوض به
ككل نحو تعزيز ثقافة الود والمرحمة وأن يعالج القانون الذي يضبط سلوك الناس وينظم شؤونهم القضايا
التي لا يمكن حلها والفصل فيها بروح التراحم والتضامن وألا يكون اللجوء إليه سيفا مسلطا على رقبة أمن
الأسر الفلسطينية واستقرارها.

لذلك كانت هذه الدراسة للوقوف على مفهوم الحماية، وأهدافها، وبلورة تصور شامل متكامل لحماية
المرأة.